اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح لمعة الاعتقاد
199970 مشاهدة
إثبات صفة العجب لله تعالى

من الصفات أيضا قوله: عجب ربك من الشاب ليست له صبوة معناه عادة الشباب يكون لهم ميل إلى اللهو وإلى اللعب تجدهم في سن الشباب أي من فوق العاشرة إلى العشرين يهوون اللعب ويطربون له ويكثرون منه فيسمى ذلك صبوة, فإذا رئي شاب عزف عن هذا اللعب وأقبل على العبادة, واشتغل بالعلم, فإن هذا محل عجب؛ كيف عزفت نفسه عن الصبا, وعن اللهو واللعب, فهذا معنى الحديث: عجب ربك من الشاب ليست له صبوة .
إثبات العجب صفة فعل؛ يعجب الله إذا شاء ولو قال إن العجب أمر يحدث في القلب يكون من آثاره الإستغراب للشيء الغريب, وهذا لا يليق بالخالق بل نقول إنه صفة أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه وقال لربه وقد أثبتها الله لنفسه قال الله تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ يعني إذا عجبت فإن قولهم عجيب وكذلك قرأ بعض القراء السبعة في سورة الصافات ( بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ ) فيها قراءتان سبعيتان (بل عجبتُ) و بَلْ عَجِبْتَ أقرهما ابن جرير وقال نزل القرآن بهما معا بأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

ينكر الأشاعرة ونحوهم صفة العجب؛ ثم ذكر لنا بعض الإخوان, أنه كان يدرس في أحد المعاهد العلمية قبل نحو خمسين سنة, كان المدرس أشعريا, جاء إلى إعراب آية في سورة عبس وهي: قوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ فقال المفسرون قالوا: إن ما تعجبية فأنكر ذلك الأشعري مصري كان يدرس في ذلك الوقت أنكر، وقال: لا يجوز إثبات العجب لله العلي الكبير لا يعجب, فعند ذلك قيل له إن هناك أدلة أخرى تدل على هذه الصفة, ومنها هذا الحديث : عجب ربك من الشاب ليست له صبوة .
ومن هذا الحديث الآخر في قوله صلى الله عليه وسلم عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم آزلين قانطين فيظل يضحك يعلم أن فرجه قريب فيه إثبات صفة العجب, فجادلوا ذلك الأشعري؛ فتظاهر بعد ذلك بالموافقة وأن الله يعجب لا كعجب المخلوق, يمكن أنه اقتنع, ويمكن أنه تظاهر؛ فالحاصل أن هذه أدلة على إثبات صفة العجب. مَا أَكْفَرَهُ يعني: ما أعجب كفره؛ عجبا لكفره مع اعترافه بأن الله تعالى هو الذي خلقه.